حان الرّحيـل ودقّ ناقـوس الخطر
والـدّمع يسكـب حاله مثـل المـطـر
مـاذا أقــول لـكــم أيـا أهــل الـكـرم
في حـالةٍ تعـصى عـلى كـلّ البشـر
هـاكـم حـكـايـة عـاشـقٍ مـتـوهـــّـمٍ
ظـنّ الحـيـاة رغـيـدةً وبـلا ضـــرر
رسـم الجـمال بـروعـةٍ في لوحـتهْ
حـوريّةً .. غـيـماً .. ونـوراً للـقمر
وأضاف خـيـلاً جامـحاً بـشـمـوخـه
صقـراً يحـلـّق عـاليـاً فـوق البحـر
أكـبـاش عــزٍّ دغــدغــت أردافـهــا
ممـلـوئـةٌ مـن أكـلها ورق الشّجـر
أمــّـا الأمـيــر فـألــف آآآه عــنــده
رُسـم الأمـيـر بعـزةٍ وبـهـا حـضـر
شـخـصـيـةً مـرمــوقـةً مـحـبــوبـةً
بحـضـورهـا وغـيابها خلف القـدر
سـيـف البهاء بخـصره محـضـونة
وبجنبه إحـدى الخـناجـر من قطـر
والـرّمح في إحـدى يـديــه مجلجلاً
والدّرع في الأخرى تربّع في بطـر
وســلاحـه قـلـب الأســود بـصـدره
دكّ الـقـلاع بـعـنـفـه .. وبــه أمــر
متـبخـتـراً فـوق الهـضاب مـزلـزلاً
تخـشاه فـرسان المغـول مع التّتـر
ما أن رأى ذاك الجـمال مشعـشعـاً
وقـف إنـبـهـاراً بـل وأيُّ الـمُنبهَـر
تـاج الـوقـار عـلى جـبـيـنٍ نـاصـعٍ
ذهـباً ومـاسـاً حـولــه كــلّ الــدّرر
ووشـاحـهـا يـا ويـح ويـحـي إنــّـه
في جـيـدهـا أغـلى وأبهى بـل أمـرّ
حـوراء إذ نظـرت إلى عـيني فـقـد
سلبت جميع الفكـر بـل حتّى النّظر
أسـنـانهـا رصّـت بـروعـةِ خـالــقٍ
ورمـوشها حـرساً جنوداً أو خـفـر
وحـواجـبٌ مـسـلـولـةٌ من غـمـدها
وبـريـق عـيـنـيهـا كوهجٍ وإستعـر
وشـفـاهـهـا كـرزاً وتـوتـاً يـانـعـــاً
والأنـف كـاللّـؤلـؤ تـرصّـعـه النّقـر
وخـدودهــا جـبــلان عــزٍّ شـامــخٍ
والصّدر مملـوءً ولـن أحكي الخبر
ممشـوقـةٌ بـالطـّول بـل سـيـقـانهـا
يـدهـا ومـلـمـسـهـا وما منهـا بـدر
خـلخـالـهـا ورداؤهـا وجـنـاحـهـا
والخصر كلّ الكون فيه قد إختصر
لجـمالهـا سـقــط اللـّـثــام مــدنــدلا
وشواربي وقـفـت وفـز لها الشّعـر
وحـواجـبـي فـرّت لهـول دلالـهـا
والـحــال مـذهــولاً وهــذا قـد نـدر
إعـجـاز ربـّي جــلّ فـي عـلـيــائــه
حـقـّاً نـرى إعـجـازه فيهـا إقتصـر
مـع أنـّهـا مــرســومـةٌ فـي لـوحـةٍ
قـال الـجـمـيـع بـأنّهـا ليست صور
لـكـنـّه الـشـيـّطـان يـأتـي غــفــلــةً
كالجـمـرِ أو حـمـماً وناراً أو شـرر
صــنــديـــد قــومٍ ذُلّ فـي أقـوامــه
شـيـخـاً جـلـيلاً عـاجـزاً بين الحفر
صــان الــوداد لأنــه رمــزاً لــهــا
أمـا العـفـاف بـفـخـره فـيـهـا هـدر
صبر الأميـر عـلى جـفاءِ خصومه
وحـبـيـبـه .. أي وربي كـم صـبــر
ربـّاه لا تـقـسـوعـلـى مـحـبـوبـتـي
فالحـور لا تحـوي فـؤاداً من حجر
أدعـوا معي دعـوات صدقٍ إخوتي
أن نلتقي بـجـنان ربّي الـمـسـتـقـر
ولـتـقـبـلـوا منّي نـصـيحـة مـؤمـنٍ
قـد كـان يـومـاً كالمـسـيح المنتَظر
لا تعـشـقـوا مـثـلـي وإلاّ فـارقـبـوا
يـوم الرّحـيل وقرع ناقوس الخطر